الصفحات

القائمة

مساحة إعلانية

سكرات الموت ومراحل خروج الروح

سكرات الموت ومراحل خروج الروح
 

قال الله عز وجل في محكم تنزيله " فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً"(الآية 43 من سورة فاطر)، فلما خلق الله عز وجل الكون وضع سننا ثوابت لا تتغير أبدا فمن هذه السنن الثابتة خلق الموت فمهما عاش الانسان وعمر الأرض سيأتي يوم تعود فيها الروح الى بارئها وتنتهي حياته الأولى او الدنيا.

 

فالموت هو مفارقة الروح للجسد فقال الله سبحانه وتعالى: (اللَّـهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ), و الموت اخواني الكرام ليست لحظة واحدة و انما تمر على العبد كان مؤمنا عاصيا كافرا او مسلما بعدة مراحل اشدها و أقساها سكرات الموت كما في قول الله تعالى: وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19] .فالسكرة هي  الشدة الذاهبة بالعقل او حالة تعرض بين المرء وعقله و المقصود بها    في الآية الكريمة الغشي الناشئ عن الألم؛ لأن الملائكة تسحب الروح من جميع المفاصل و العروق و العصب فتموت الأعضاء تدريجيا فوطأة هذا الألم تجعل العبد في سكرة و تذهب عقله و حينها يدرك الكافر تو من كان بقلبه شك ي الدار الاخرة ان الانتقال من هذه الدار واجب.

 

فتخرج روح العبد بارتفاعها الى اعلى الصدر او ما يعرف بالتراقي ثم تخرج الوح من الجسد و العبد خلال خروج رحه يرى ملائكة العذاب و ملائكة الرحمة حوله فان كانت روحه مؤمنة تصعد الى السماء مرضيا عنها و تفتح لها أبواب السماء ثم تعود مجددا الى الأرض و ان كان كافرا تغلق أبواب السماء و تبقى روحه في الارض مسخوطا عليها فقال عز و جل " -تعالى-: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ* وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ* وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ* وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ" سورة القيامة، آية: 26- 30 فسكرات الموت تختلف بين عبد مسلم  تقي و كافر .


سكرات الموت على سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام
:

فكانت سكرات الموت على سيدنا محمد كلها وعك ووجع شديد فيقول صلى الله عليه وسلم "لا إله إلا الله إن للموت سكرات" [رواه البخاري: 6510] وعن أحمد والترمذي وابن ماجة عن عائشة -رضي الله عنها- قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: اللهم أعني على غمرات الموت، أو سكرات الموت [رواه الترمذي: 978، وابن ماجه: 1623، وأحمد: 24401، قال الحافظ: سنده حسن] فقال الشراح انه كان يمسح وجهه بيديه دفعا لحرارة الموت، أو دفعا للغشيان والكرب الذي يكون عند نزول الموت, حتى قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها" ما رأيت الوجع على احد قط اشد منه على رسول الله و ما احب ان ارى الموت نزل بأحد غيري" و في حديث اخر تقول رضي الله عنها: "ما أغبط أحداً بهون موت، بعد الذي رأيته من شدة موت رسول الله عليه و سلم". [سنن الترمذي: 3/309، رقم: 309].

 

سكرات الموت عند العبد المؤمن:

اما العبد المؤمن فتخرج روحه بسهولة ِلقول المصطفى عليه الصلاةُ والسلام-: (ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه فيَقولُ: أيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إلى مغْفِرةٍ من اللَّهِ ورِضْوَانٍ، فتخْرُجُ تَسِيلُ كما تسِيلُ القَطْرَةُ من فِي السِّقَاءِ) رواه الألباني، في صحيح الجامع, فيأمر ملك الموت الروح بالخروج فتخرج بكل يسر يرى ملائكة بيضاء وجوهها حاملة اكفانا و حنوطا من الجنة فيبشر بمأواه لقوله صلى الله عليه و سلم " إنَّ العبدَ المؤمنَ إذا كان في إقبالٍ مِنَ الآخِرةِ وانقِطاعٍ مِنَ الدُّنيا نزَلَتْ إليه ملائِكةٌ بِيضُ الوُجوهِ كأنَّ وُجوهَهمُ الشَّمسُ، معَهم كفَنٌ مِن أكفانِ الجنَّةِ، وحَنوطٌ مِن حَنوطِ الجنَّةِ)، إلى أن قال: (فيأخُذُها فإذا أخَذَها لم يَدَعُوها في يدِه طَرْفةَ عينٍ حتَّى يأخُذُوها، فيجَعُلونَها في ذلك الكفَنِ وذلك الحَنوطِ، فيخرُجُ منها كأطيَبِ نَفحةِ مِسكٍ وُجِدَتْ على وجهِ الأرضِ، قال: فيصعَدُونَ بها فلا يمرُّونَ بها على ملأٍ مِنَ الملائِكةِ إلَّا قالوا: ما هذه الرُّوحُ الطَّيِّبةُ؟ فيقولونَ: فلانُ بنُ فلانٍ، بأحسَنِ أسمائِه الَّتي كانوا يُسمُّونَه في الدُّنيا، فينتَهُونَ به إلى السَّماءِ الدُّنيا فيستَفتِحُونَ له فيُفتَحُ له) , و لكن يمكن ان تكون سكرات موت العبد المؤمن شاة و لكن هذا خير له ،فإما رفع درجات و زيادة في الحسنات او تكفير للسيئات، وهذا لا يتنافى مع كون روحه تخرج كما تخرج القطرة من في السقا بسهولة كما ذكر في الحديث الذي رواه الالباني؛ لأن الشدة هذه يمكن أن تتبعها هذه الراحة، فيكون أول نزوله شدة، ووطأة وثقل، خير للمؤمن، ثم يعقبها راحة تامة عند خروج الروح و لذلك قد نتصادف بأوصاف لموتى تقول" خنق، خنق، خنق، ووجه أسود، ثم انبسط، وارتاح، وابيض الوجه، وارتخى، وصار لونه مشرقا منيرا"

وهناك أناس يخفف عنهم كالشهيد كما قال فروى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة رواه الترمذي: .1668

سكرات الموت عند الكافر:

تكون سكرات الموت عند الكفار ونزع الروح شديدة، وما يحصل لأرواحهم في أبدانهم، وطريقة إخراجها من أجسادهم، والضرب الذي يكون، والتهديد والوعيد، والتبشير بالعذاب وهول المشهد العظيم عندما يرون ملائكة العذاب حولهم. ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الموتِ حتى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ: "يَا أيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إلى سَخَطٍ من اللَّهِ وغَضَبٍ، فَتَفْرُقُ في جَسَدِهِ فيَنتَزِعُهَا كَما يُنتَزَعُ السَّفُّودُ من الصُّوفِ المَبْلُولِ،"

وذكر الله تعالى خُروج روح الكافر والفاجر بقوله: "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ"

 


 لكن من الأخطاء الشائعة في عصرنا الحالي الخوف من الموت، لا ابدا فالموت حقيقة فقد اوصانا خير خلق الله فيما ورد عن ابي هريرة رضي الله “أكثروا ذكر هادم اللذات ", والمقصود بهادم اللذات هو الموت.

1تعليقات