
سورة الليل من السور المكية القصيرة، لكنها تحمل بين آياتها رسائل عظيمة عن طبيعة النفس الإنسانية، وأثر العمل الصالح، والفرق بين من يسير في طريق النور ومن يختار طريق الظلمة.
تعريف السورة:
اسم السورة: الليل
عدد الآيات: 21 آية
مكان النزول: مكة المكرمة
محور السورة:
تركز سورة الليل على بيان أن البشر ليسوا سواءً، فكل إنسان
يسير في طريقه الخاص. منهم من يُؤثر العطاء والتقوى ويصدّق بالخير، ومنهم من يُؤثر
البخل ويكذب بالحسنى. وتوضح السورة أن عواقب كل طريق ستظهر بوضوح في النهاية.
سورة الليل – تأملات روحانية
سورة الليل من السور المكية التي تحمل بين طياتها معاني عظيمة
حول التوازن بين العطاء والبخل، النور والظلام، الهدى والضلال. في هذا المقال نتأمل
معًا معانيها، ونستعرض نصها الكامل مع التشكيل.
نص سورة الليل كاملة بالتشكيل:
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ , وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ , وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ , إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ , فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ , وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ , فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ , وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ , وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ , فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ , وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ,إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ , وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ , فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ ,لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى , الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ , وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى, الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ , وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ , إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ , وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ"
🌟 تأملات في السورة:
الليل والنهار: رمز للتناقض بين الظلمة والنور، كما هي الحياة
بين الخير والشر.
سعي الإنسان: كل واحد منّا يسعى في طريقه، والله ييسر لمن
يصدق ويتقي.
العطاء والتقوى: طريق اليسر، والعاقبة للخير.
التحذير: من التعلق بالمال والغرور، فكل شيء زائل، وما يبقى
هو وجه الله.
دعوة للتأمل:
هل تأملت في مسارك اليوم؟ هل اخترت طريق العطاء، أم وقفت
عند حدود الذات؟ كل آية من سورة الليل دعوة لمراجعة النفس، ومحاسبتها، وتجديد نيتنا
نحو الله.
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يُؤتُون أموالهم يَتزكَّون، ويبتغون وجه ربهم الأعلى، ولسوف يرضى.
شرح مبسط لبعض الآيات:
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾
قسم من الله بالليل حين يغطي الكون بسكونه وظلمته.
﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾
وفي المقابل، يقسم بالنهار حين ينكشف النور وتبدأ الحياة
بالحركة والنشاط.
﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾
أي أن أعمال الناس ومقاصدهم مختلفة، فكل إنسان يختار طريقه
بإرادته.
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى﴾
من يعطي من ماله ويتقي الله في عمله، فإن الله سيسهّل له
طريق الخير.
﴿وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى﴾
أما من بخل بماله وظن أنه ليس بحاجة إلى الله، فسينال طريق
العسر والمشقة.
الدروس المستفادة من السورة:
الحرية في الاختيار: الله وهب الإنسان القدرة على الاختيار
بين الخير والشر.
أهمية النية والعمل: ليس فقط العمل الظاهر، بل نية الإنسان
وتقواه هي ما تحدد مصيره.
الحث على العطاء: العطاء لا يُنقص الرزق بل هو سبب في البركة
والتيسير.
تقدير قيمة الحسنى: الإيمان بالآخرة والحسنى هو مفتاح للرضا
والطمأنينة.
سورة الليل تذكّرنا أن الحياة طريقان، ونحن نختار أيهما نسلك. فهل نكون من أهل العطاء والتقوى؟ أم ممن استغنوا وبخلوا؟ فلنُجدّد نياتنا، ونسأل الله أن يجعلنا من الذين يُيسّر لهم طريق الخير.
قال تعالى: ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى
* إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾
0تعليقات